تعرّف على وليد فارس.. الذي يُحذر من استئثار الإسلاميين بالحكم في تونس
من هو وليد فارس؟؟
يمتلك وليد فارس، سيرة ذاتية طويلة، ما بين أستاذ جامعي، ومؤلف، وناقد سياسي،
وخبير في مكافحة الإرهاب، ولكن هناك فصلًا واحدًا في حياته، لن تجده في سيرته الذاتية،
وهو أنه كان مسؤولًا سياسيًا رفيع المستوى، في ميليشيات دينية طائفية، كانت مسؤولة عن المجازر الوحشية
خلال حرب لبنان الأهلية قبل 15 عامًا. خلال العام 1980، قام فارس، وهو مسيحي ماروني،
بتدريب المسلحين اللبنانيين على معتقدات إيديولوجية لتبرير الحرب ضد فصائل المسلمين والدروز في لبنان،
وفقًا لما قاله زملاؤه السابقون، حيث أكدوا أن فارس دعا إلى وجهة نظر متشددة، وذلك في مؤتمر
صحفي في العام 1986 للقوات اللبنانية، وهي مجموعة تضم الميليشيات المسيحية التي اتهمت بارتكاب الفظائع،
كما كان مستشارًا مقربًا لسمير جعجع، أحد أمراء الحرب اللبنانيين آنذاك. وفي العام 1978،
ظهرت القوات اللبنانية كمجموعة مظلة للميليشيات المسيحية المتنوعة، ووفقًا لزملائه السابقين،
أصبح فارس أحد أهم منظري الجماعة، وعمل بشكل وثيق مع المكتب الخامس للقوات اللبنانية،
وهي وحدة متخصصة في الحرب النفسية. وفي نفس الإطار، يقول ريجينا سنيفير،
الذي خدم في المكتب الخامس العام 1981، وهو في سن الـ18، إن “فارس” كان يعتقد أن الحرب اللبنانية
كانت الأحدث في سلسلة من الصراعات بين المسلمين والمسيحيين، وكان رأيه بأن المسيحيين
هم ضحايا الاضطهاد الإسلامي، وكان الحل الوحيد بالنسبة له إنشاء وطن قومي للمسيحيين
في لبنان على غرار إسرائيل، وكان يعتقد فارس أن المسيحيين اللبنانيين متفوقون عرقيًا على العرب.
سنيفير، الذي يعمل الآن مؤلفًا في فرنسا، والذي ألف كتابًا العام 1995 يذكر فيه تفاصيل الحرب الأهلية في لبنان،
يشير إلى أن خطابات فارس كانت تبرر القتال ضد المسلمين على أنه “ينبغي أن يكون لنا وطننا الخاص،
وكياننا الخاص، وأن يكون منفصلًا”. ومن أبرز الفظائع خلال الحرب الأهلية، مجزرة القوات اللبنانية
في سبتمبر العام 1982 ضد المئات وربما الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين في مخيمي صبرا وشاتيلا،
في بيروت الغربية، وكان الجيش الإسرائيلي يساند الميليشيات المسيحية، حيث إنها لم تتوقف عن إراقة الدماء.
وأكد “سينفير” أن فارس لم يشارك في القتال، حيث قال: “يمكنني أن أؤكد لك فارس لم يشارك أبدًا
في القتل برصاصة واحدة خلال حياته”، وأضاف: “كان رجلًا أيديولوجيًا ومفكرًا”.
ويتابع: “كان على علاقة وثيقة مع عفيف ملكون، رئيس المكتب الخامس في ذلك الوقت،
لضمان أن فارس سيقوم بنشر الأفكار على نطاق واسع بين النشطاء والطلاب”،
وأشار إلى أن نفوذ فارس نما إلى أبعد من ذلك، لاسيما مع صعود سمير جعجع،
حيث تحول الطالب في كلية الطب سابقًا إلى زعيم ميليشيا مسيحية. وكان سمير جعجع يعرف بالقسوة،
فقد قاد فريقًا من رجال الميليشيات المسيحية العام 1978 لقتل طوني فرنجية، منافسه السياسي،
ووفقًا لتقارير صحفية معاصرة، وكتاب توماس فريدمان العام 1989، من بيروت إلى القدس،
فإن فريق جعجع لم يقتل فقط طوني فرنجية وحراسه الشخصيين، ولكن قتل زوجته
وابنته البالغة من العمر 4 سنوات، بالإضافة إلى كلب العائلة. ويقول سينفير: “السيد فارس على
علم بجرائم سمير جعجع، ولكنه لايزال من المقربين منه”. وكانت هناك منافسة شرسة بين قادة
الميليشيات المسيحية، كما المناوشات الطائفية في الحرب، حيث نجح جعجع في رئاسة القوات اللبنانية
عقب الإطاحة برئيسه في انقلاب دموي، العام 1986، ليصبح فارس رئيس لجنة تفيذية جديدة للمجموعة،
مهمتها التعامل مع “شؤون المغتربين”. واصل فارس لعب دور بارز في التدريب الأيديولوجي للقوات اللبنانية،
ومع محاولات “جعجع” إضفاء طابع مهني على الميليشيات، أسس مدرسة خاصة، حيث سيحصل الضباط
على التدريب ليس فقط في التكتيكات العسكرية، ولكن أيضًا في الأيديولوجية. وكان يرغب سمير جعجع
في تحويل الميليشيا إلى جيش مسيحي، ويقول “نيسي”، زميل فارس السابق: “وليد فارس كان
مسؤولًا عن تدريب الضباط على عقيدة القوات اللبنانية”. ويقول المقربون، إن علاقة فارس وجعجع
نمت إلى حد كبير، وذلك أسهم في قبول اتفاق برعاية سورية لإنهاء الحرب، التي قلصت السلطة السياسية
بين مسيحيين ومسلمين في لبنان، ومهدت الطريق للاحتلال السوري، وأدى هذا التطور إلى معركة شرسة
بين المسيحيين “جعجع”، ومنافسه الرئيس العماد ميشال عون، الذي دمر المناطق ذات الغالبية المسيحية
في لبنان. وبالرغم من القتال الدامي بين المسيحيين، إلا أن الدرس الذي تعلمه المسيحيون اللبنانيون،
هو أن الإسلام -على حد زعمهم- هو المسؤول عن الدمار الذي نتج، ويقول ميليشياوي سابق
في القوات اللبنانية: “هناك مشكلة مع الإسلام، وإذا كنت تريد أن تتبع القرآن عليك أن تكون مثل أسامة بن لادن،
إنها حقيقة واقعة، ووليد فارس يعرف هذه الحقيقة”. في العام 1993، حصل فارس على منصب
أستاذ دراسات الشرق الأوسط والسياسة المقارنة في جامعة فلوريدا أتلانتيك، ولكنه كان أيضًا
رئيسًا للـ”WLO”، وهو واحد من المشاريع الرئيسة التي كانت تحاول إقناع إسرائيل بالاستمرار في دعم
جيش لبنان الجنوبي، الميليشيا التي يقودها مسيحيون، لقتال ميليشيات حزب الله.
وكان فارس يأمل في إنشاء جيب مسيحي جديد معظمهم من الشيعة في جنوب لبنان،
لكن تلك الدعوة باءت بالفشل في نهاية المطاف، وانسحبت إسرائيل من جنوب لبنان في العام 2000،
ويقول نيسي: “كيف يمكن تحويل منطقة مسلمة شيعية إلى منطقة مسيحية، كانت فكرة غبية،
وتسببت في انفاق الكثير من المال والجهد على لا شيء”. وعقب هجمات 11 سبتمبر،
ارتفعت الصناعة المعادية للإسلام في أمريكا، ونجح “فارس” في الحصول على أصدقاء مقربين
في اليمين الأمريكي، وسرعان ما زاد الطلب عليه كمحلل في التلفزيون الأمريكي.
وفي أحد لقاءاته في قناة “فوكس نيوز” عقب شهرين من الهجمات، حذر فارس
من الخطر الذي تشكله شبكة قناة الجزيرة باللغة العربية.”
منقول