النائب عمر الغريبي : اتقوا الله في وطنكم
دون النائب عن ائتلاف الكرامة عمر الغريبي :
مشيت لفرنسا عمري أقل من عشرين عام، وكبرت غادي، وتزوجت وجبت الصغار… ووليت نروّح لبلادي العزيزة كل صيف، وما كانتش عندي برشة احتكاكات بالناس في تونس، وكنت على الفطرة، وأحمل فكرة أن الشعب التونسي كلّه طيب ومسالم. وجات الثورة وفرحو بيها التوانسا في المهجر كيما أغلب التوانسا الي في الداخل… وجات انتخابات 2011 وأفرزت من أفرزت، وبعد جات انتخابات 2014 وفاز بيها حزب الباجي قائد السبسي الله يرحمو، وما تبدل شيء في أوضاع التونسيين ومعاناتهم، وجات انتخابات 2019 ولم يكن يخطر ببالي يوما أني سأنخرط فيها كمرشح عن إحدى القوائم، حتى اتصل بي أحد الاصدقاء في المهجر واقترح عليّا فكرة الترشح في قائمة ائتلاف الكرامة عن دائرة فرنسا الشمالية…
جيت نقول لا قلت باهي الله يبارك… وليتني ما فعلت… ولكن قدر الله وما شاء فعل…
تفرعست احوالي وتبعثرت أموري واستقرار عائلتي وشغلي في باريس…
الحاصيلو قلت موش مشكل، كل شيء يهون من أجل تونس العزيزة وخدمة الناس، وروّحت وأنا مصدّق الي احنا بالرسمي دخلنا الى عالم الديمقراطية، ودخلت مجلس نواب الشعب وأنا صفحة بيضاء سرّي كعلني وليلي كنهاري، ولكن الصدمة التي لم أقرأ لها حساب ولم أكن لأتصورها أني لمست منذ الوهلة الأولى منسوب حقد تحمله بعض الكتل تجاه كتل أخرى، لو وزّع ذلك الحقد على سكان الأرض جميعا لكفاهم…
ترفّعت عن كل ذلك، وحاولت مرارا وتكرار إذابة بعض الجليد بين الخصوم السياسيين، وتقريب ما أمكن من وجهات النظر، ولم أدّخر يوما جهدي في إسداء النصح إلى زملائي في كتلة ائتلاف الكرامة حتى لا يأبهوا بالاستفزازات التي يتعرضون لها، لتفادي الفخاخ التي تنصب لهم ما أمكن لهم تفاديها…
على مستوى شغلي كانت مداخلاتي وتدويناتي مختصرة فيما ينفع التونسيين، ولم أخيّب ظن أحد قصدني يوما في حق يريد استرداده، أو صوت يريد ايصاله، أو فكرة صائبة يريد أن ينفع بها، دون أن أسأل أحد عن انتمائه الحزبي أو الجهة التي يقطن بها، أو الكتلة التي صوّت لها، لأن النائب في يقيني هو كالطبيب الذي لا يسأل المريض وهو بين يديه عن دينه أو عرقه أو نسبه…
سهرت الليل مع زملائي وعملنا 28 مبادرة تشريعية لو مرّت لكان حال تونس غير الذي نراه اليوم، واكثر من هكا صادقنا على كل القوانين الي قدرنا انها باش تعاون التوانسا وتخفف من معاناتهم، من غير ما كانت عندنا عقدة شكوني جهة المبادرة … في النهاية باش نسمح لروحي ونتكلم بإسم زملائي ونقول ونستعرف الي أحنا ما كناش ملاپكة معصومين، وارتكبنا الاخطاء ووقعنا في شراك الاستفزاز عدة مرات، ولم نكن من الكاظمين الغيظ، ولكن يشهد ربي أننا ما مديناش ايدينا للرشاوي والمال الفاسد رغم كثرة الإغراءات، وما خناش تونس وما دخلناش الغرف المظلمة الي يحكو عليها، وما كذبناش على ناخبينا، وعمرنا لا كنا ولا باش نكونو أحنا الخطر الداهم الي بسببه حصل ما حصل يوم 25 جويلية الفارط…
ونصيحتي للشعب التونسي بكل توجهاته ان يتق الله في وطنه، وان يسيطر على ما في قلبه من غل تجاه من يخالفه الرأي، وما فماش شكون ينجم يحتكر حب تونس لشخصه والمقربين منه فقط، وما فماش شكون يمتلك صكوك الوطنية يمنحها لمن يشاء، ويمنعها عمن يشاء…. تونس للجميع وما يجمعنا اكثر مما يفرقنا، وقدرنا ان نكون في نفس السفينة التي سترسي إن شاء الله في شاطيء النجاة، لأن من يركبها أراد الحياة، ومن أجل ذلك سيستجيب القدر ..