النهضة.. بالتفاصيل الوثيقة الداخلية لـ “مجموعة الوحدة والتجديد”

قال رئيس مجلس الشورى عبد الكريم الهاروني : إن “الوثيقة شأن داخلي ليس مجاله المنابر الإعلامية، ولذلك لم تنشر لأنها مساهمة في الحوار داخل الحركة، قبل إنجاز المؤتمر الحادي عشر، وهي أقرب إلى إعلان مبادئ لتوفير شروط نجاحه بما يعزز وحدة الحركة في إطار احترام قانونها الأساسي وعلوية المؤتمر والقواعد الديمقراطية، بما يعني الحرص على موعد المؤتمر في سنة 2020 والتداول القيادي مع تحديد الموقع والدور الذي يليق بزعيم الحركة الأستاذ راشد الغنوشي”.

وأكد العرباوي: “الأستاذ راشد على علم تام بالوثيقة، وليس كما يشاع عن غضبه من الوثيقة، ويحترمها جدا رئيس الحركة وخرجت منذ أكثر من شهرين تقريبا منذ السادس عشر من مارس”.

وفي ما يلي النص الكامل للوثيقة

عن مجموعة الوحدة والتجديد

بسْم الله الرحمن الرحيم

بيان “مجموعة الوحدة والتجديد”.
تمكّنت حركة النهضة على امتداد السنوات الماضية التي أعقبت الثورة من إدارة الشأن السياسي والمساهمة في نجاح المسار الديمقراطي بقدر كبير من الحكمة والمرونة، كما شكّلت عامل استقرار وتوازن في المشهد السياسي العام، بما ساعد بلادنا على تجاوز العديد من المخاطر وتخطي الكثير من الأزمات بأقل الأعباء والتكاليف، كما كان للحركة دور متقدم في ترسيخ مقومات النظام الديمقراطي الوليد، وبناء المؤسسات السياسية الجديدة، وقد كان من ثمار هذا التوجه السياسي الحكيم فوز النهضة في الانتخابات البلدية سنة 2018، ثم تصدرها الانتخابات التشريعية سنة 2019، وتحقيقها نتيجةً مشرّفة في الانتخابات الرئاسية، رغم تراجع الحجم الانتخابي للأحزاب السياسية عامة، بما في ذلك حركة النهضة.

وفي الوقت الذي انتكست فيه ثورات الربيع العربي وانزلقت نحو الحروب الأهلية والفتن السياسية، تمكّنت تونس من تثبيت أركان نظامها الديمقراطي، وترسيخ سنّة التداول السّلمي على السلطة، وفِي كلّ ذلك سيذكر التاريخ الدور الريادي لحركة النهضة ولزعيمها الأستاذ راشد الغنوشي، وفِي مقدمة إنجازاتها التزامها بقيم الحرية وروح دستور الجمهورية الثانية، وتجنّب المغامرات السياسية، كما يحسب لها اتزان خطها السياسي القائم على الشراكة والتوافق، وترجيح المصلحة العامة للبلاد، وتجنب الاستقطاب السياسي والإيديولوجي، والابتعاد عن الخيارات الشعبوية، فضلا عما اتسمت به من تحلٍّ بروح المسؤولية وديمقراطية القرار السياسي. بيد أنّ ذلك لا ينفي تراكم بعض السلبيات والأخطاء خلال السنوات الأخيرة، ومن ذلك الاضطراب الذي شاب الخط السياسي أحيانا، وضعف الأداء المؤسساتي والابتعاد عن سمت الانضباط، بما في ذلك من قِبل بعض الرموز والقيادات، وخروج الخلافات الداخلية عن نطاقها المقبول والمعقول.

لم يعد خافياً أنّ حركة النهضة تعيش على وقع خلافٍ داخلي ظل يتفاقم منذ المؤتمر العاشر سنة 2016، وهو خلاف ذو طبيعة تنظيمية بدرجة أولى، ممّا أنتج مناخات سلبية ساهمت في إرباك الحزب وإهدار الكثير من الجهود والطاقات، كما أنّ ظهور هذا الخلاف في وسائل الإعلام والمنابر العامة مثّل تجاوزاً واضحاً لتقاليدنا الحزبية ومسّ من صورة الحركة الأمر الذي عمق الانطباع السلبي لدى الرأي العام عن الأحزاب والطبقة السياسية عامة. وممّا زاد في تعقيد الوضع أنّ تفاقم الخلافات الداخلية تجاوز الإضرار بصورة الحركة وتماسكها إلى التأثير أحياناً في خياراتها السياسية الكبرى.

والحقيقة أنه لا يمكن فهم الأوضاع الراهنة للحركة بمعزل عن السياق العام الذي تمر به البلاد منذ الثورة. فقد فرضت التحوّلات السريعة وطبيعة المرحلة الانتقالية وتعقيداتها، أن تنفق الحركة الكثير من جهودها في إدارة الملف الوطني على حساب إصلاح وضعها الداخلي، حيث انتقلت النهضة بشكلٍ سريع من حزبِ معارض ومناضل ضد للاستبداد إلى حزب يتحمل أعباء الحكم وإدارة الشأن العام من دون سابق استعداد لذلك. كما أن الضعف الحاصل في تنزيل توجهات المؤتمر العاشر، فيما يتعلق بالتخصص والانفتاح على الطاقات والكفاءات واستيعاب الفئات الجديدة، وخصوصا من الشباب والنساء، هذا الضعف ولَّد هوة بين المنشود والموجود.

إنّ القضيّة الأساسية التي تواجه عقد المؤتمر الحادي عشر هي ميل البعض إلى اختزال مشكلات الحركة في ما يسمى “الانتقال القيادي”، في أجواء من التجاذب والمغالبة، ومن دون تقدير لدور رئيس الحزب وزعيمه ومكانته السياسية والرمزية من جهة، وبين مَن يدعو إلى تجاهل النظام الأساسي وسنّة التداول السياسي وما استقر عليه الضمير الجمعي للحزب من جهة أخرى.

في مقابل هذين التوجّهين، فإنّنا في “مجموعة الوحدة والتجديد”، نؤكد على أهميّة التداول القيادي وتجديد النخبة والتواصل الجيلي، واحترام مقتضيات الديمقراطية والقوانين المحكّمة، وذلك من موقع التزام حركة النهضة، رائدة الإسلام الديمقراطي، بأدبياتها الفكرية والسياسية. كما نؤكد الاعتراف بفضل الزعيم الأستاذ راشد الغنوشي في تأسيس الحركة وقيادتها وتطوير مسارها والحاجة لدوره المستقبلي في تأمين تداول قيادي ناجح.

وبناءً على ما تقدّم فإن الذهاب إلى المؤتمر الحادي عشر من دون حوار يفضي إلى تعاقدات جديدة من شأنه تبديد الكثير من المكتسبات السياسية التي تمت مراكمتها بعد الثورة، وتكريس واقع الانقسام الداخلي، وإشاعة مناخات القلق والارتياب في صفوف مناضلي الحزب ومناضلاته.

وبعد تقييم داخلي معمّق وعمل دؤوب استمر منذ الانتخابات التشريعية 2019 خلصت “مجموعة الوحدة والتجديد” إلى أنّ قضايا حركة النهضة أعمق من مجرد اختزالها في “الانتقال القيادي واستبعاد زعيمها من أي دور مستقبلي داخل الحركة” وفي المقابل فإن الحل لا يكمن “في الدفع إلى عدم الالتزام بمبدأ التداول على نحو ما ينص عليه النظام الأساسي” وعلى هذا الأساس تتقدم مجموعة الوحدة والتجديد لعموم أبناء الحركة وبناتها بالإعلان عن المبادئ التالية: 

1 – ضرورة عقد المؤتمر في آجاله القانونية، على ألاّ يتجاوز ذلك موفى 2020، مع الحرص على إدارة حوار داخلي معمق حول مختلف القضايا الفكرية والسياسية والاستراتيجية التي تخص الحركة، وبناء توافقات صلبة، تحفظ وحدتها وتدعم مناخات الثقة بين النهضويين قبل الذهاب للمؤتمر الحادي عشر.
2- ضمان التداول القيادي في الحركة بما يسمح بتجديد نخبها وذلك وفق مقتضيات نظامها الأساسي والأعراف الديمقراطية وسلطة المؤسسات في إطار تجديد عميق للحركة استجابة لمتطلّبات الواقع وحاجيات البلاد.

3- التوافق على إنجاز إصلاح هيكلي عميق للحركة بما يضمن وحدتها ويستجيب لمقتضيات تجديدها.
4- أهمية الدور المنوط بزعيم الحركة الأستاذ راشد الغنوشي في المرافقة الفاعلة للوضع القيادي الجديد بعد المؤتمر الحادي عشر، مع الحرص على نجاح مهمته على رأس مجلس نواب الشعب وموقعه في قيادة الدولة حاضرا ومستقبلا.

5- التزامنا بالأسس الأخلاقية والثوابت القيمية الكبرى التي قامت عليها حركة النهضة كحزب مدني ديمقراطي ذي مرجعية اسلامية، ومعبر عن روح المجتمع التونسي.

6- الانفتاح على مختلف الأراء والتوجهات داخل الحزب، ورعاية الاختلاف وحسن إدارته وضبط آلياته والاحتكام للمؤسسات، مع الحرص على إقامة علاقات الأخوّة والتعاون والاحترام المتبادل بين القيادات وسائر منتسبي الحزب والعمل علي انصاف مناضلات ومناضلي الحركة عبر استكمال مسار العدالة الانتقالية.

7- تركيز النظر على القضايا المضمونية التي تتعلق بمسائل الحكم وتوسيع قاعدته، والهوية الاجتماعية والاقتصادية للحزب، والاستجابة للاستحقاقات القادمة وفِي مقدمة ذلك تحقيق النجاحات التنموية والاجتماعية التي ينتظرها شعبنا”.

قال تعالى: “يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما” صدق الله العظيم والله ولي السداد والتوفيق.

رئيس مجلس الشورى عبد الكريم الهاروني ومسؤول مكتب العلاقات الخارجية رفيق عبد السلام ومسؤول المكتب السياسي نور الدين العرباوي ومسؤول مكتب الانتخابات محسن النويشي ونائب رئيس مجلس الشورى مختار اللموشي ومسؤول مكتب المهجر فخر الدين شليق ونائب رئيس مكتب العلاقات الخارجية سهيل الشابي ونائب رئيس مكتب الانتخابات يوسف الفقير وعضو المكتب السياسي عبد الله خلفاوي ومسؤول المكتب النقابي محمد القلوي ونائب رئيس الكتلة البرلمانية محمد زريق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق