لا عقوبة بالسّجن أقل من 6 أشهر ونظام عقابي خاص بالشباب الجانحين
أنهت اللجنة الفنية المخصّصة لتنقيح المجلة الجزائية من إعداد مشروع قانون الكتاب الأول
من المجلة التي تتولى تحديد الجرائم وعقوباتها. والمجلة الجزائية هي من أقدم المجلات القانونية
إذ صدرت سنة 1913 والتي كانت بدورها نتيجة أشغال لجنة مختصّة تم إنشاؤها سنة 1896.
وقد أفاد مقرر اللجنة الفنية لتنقيح المجلة، نبيل الراشدي لوكالة تونس إفريقيا للأنباء (الوكالة الرسمية)
الأحد 28 جويلية 2018 أن اللجنة المُحدثة من وزارة العدل سنة 2014 قدمت مشروعها في شهر
جوان الفارط في إنتظار مصادقة مجلس الوزراء عليه قبل عرضه على البرلمان.
وقد أشار إلى أن اللجنة لازالت تعمل على تنقيح الكتاب الثاني والثالث من المجلة.
لكن ماهي أهم الإصلاحات في مشروع المجلة الجزائية، وهي إصلاحات أقرب إلى ثورة
تشريعية في المنظومة الجزائية التونسية ؟
1/ التقليص من عدد الجنايات
ينصّ المشروع على التقليل من عدم الجرائم المصنّفة جنايات وذلك في إتجاه التقليص
من المرور على مرحلة التحقيق، من أجل الدفع نحو إصدار الأحكام في مدة معقولة ولتفادي
الضغط على قضاة التحقيق.
يُذكر أن الجرائم يقع تصنيفها إلى جنايات تتجاوز مدة عقوبتها 5 سنوات، وجنح تتراوح مدة عقوبة
السجن فيها بين 16 يومًا و5 سنوات، وأخيرًا المخالفات التي لا تتجاوز مدة العقوبة فيها 16 يومًا.
وتلزم الإجراءات الجزائية أن يقع التحقيق في كل جناية بموجب بحث تحقيقي من وكيل الجمهورية،
أما الجنح والمخالفات فيمكن مباشرة إحالتها إلى حاكم الناحية أو المجلس الجناحي بالمحكمة الابتدائية حسب الحالة.
وتمرّ كل جناية بمرحلة التحقيق من درجتين لدى قاضي التحقيق ثم لدى دائرة الاتهام قبل
الإحالة للدائرة الجنائية، وهي سلسلة مراحل تأخذ وقتًا كثيرًا ما يعطّل إصدار الأحكام في مدة معقولة.
وسيتيح التنقيح الجديد تفادي المرور بهذه السلسلة في عديد الجرائم عبر التقليص من عدد الجنايات
أي التخفيض في عدد الجرائم التي تكون عقوبتها أكثر من 5 سنوات.
2/ إضافة عقوبة جديدة
يضيف المشروع الجديد عقوبة بديلة جديدة وهي الخطية اليومية مع توسيع مجال اعتمادها لتنسحب على كافة الجنح أي الجرائم التي تقل فيها مدة عقوبة السجن عن 5 سنوات. وستمكّن هذه العقوبة الجديدة من تفادي اللجوء للسجن.
يُذكر أن المجلة الجزائية تضمّ عقوبات بديلة أخرى أهمها العمل لفائدة المصلحة العامة والتعويض الجزائي والذي يعني دفع المجرم لتعويض مالي للمتضرر بما ينهي الدعوى العمومية وهو ينسحب على بعض الجنح البسيطة التي لا تشكل خطورة على النظام العام.
3/ لا عقوبة بالسجن أقل من 6 أشهر
من أهمّ الإصلاحات الجذرية المعروضة هو تقييد القاضي بعدم إمكانية الحكم بالسجن على المتهم لأقل من 6 أشهر، إذ يجب عليه في هذه الحالة اللجوء إلى آليات تفريد العقوبات التي سيقع تنظيمها بدقّة في المشروع الجديدة أو اللجوء إلى العقوبات البديلة المذكورة سابقًا.
ويُقصد بتفريد العقوبة جعل العقوبة ملائمة للظروف الشخصية للمجرم وحالته بمناسبة ارتكاب الجريمة، وطريقة ارتكابه لها. وهي لا تعني التمييز بين المجرمين بل ضمان اختيار العقوبة المناسبة لكل مجرم.
4/ نظام عقابي خاص بالشباب الجانحين
تنصّ المجلة الجزائية على معاقبة كل فرد تجاوز 18 سنة، أما الأطفال المميزين الذي يبلغون من العمر بين 13 و18 سنة لديهم نظام عقابي خاصّ. ويتمثل الإصلاح الجديد في إفراد الشباب الذي يتجاوز 18 سنة ولم يبلغ بعد 21 سنة بنظام عقابي خاصّ، ويأتي هذا الإصلاح استجابة لدعوات طيلة سنوات من شراح القانون بإفراد هذه الفئة بنظام خاص نظرًا لحداثة سنّها وهي غالبًا ما تقوم بالجريمة للمرة الأولى في هذا السن مما يستدعي الاهتمام بدرجة أولى بإعادة إدماجها في المجتمع وتجنيب عودتها للجريمة.
5/ المحاولة جريمة مستقلّة
ينصّ القانون الحالي وتحديدًا الفصل 59 من المجلة الجزائية على معاقبة كل من يحاول ارتكاب الجريمة بنفس العقوبة كما وأنه ارتكبها فعلًا، وهو ما يسمّى باستعارة التجريم. والجديد هو جعل المحاولة جريمة مستقلّة بمعنى لا يظلّ ينظّمها فصل وحيد يشمل كل الجرائم كما هو الحال عليه الآن، بل ستصبح المحاولة جريمة مستقّلة حسب كل جريمة.
6/ العقل المدبّر فاعل لا شريك
سيصبح بموجب التشريع الجديد المحرّض على ارتكاب الجريمة وهو عقلها المدبّر فاعلًا أصليًا في الجريمة، وليس مجرّد شريك في الجريمة كما ينصّ الفصل 32 من المجلة الجزائية حاليًا.
7/ إقرار المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي
ظلّ الجدل طيلة عقود لدى شرّاح القانون حول مدى قبول المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي، وقد رفضت المحاكم التونسية في عديد القرارات قبول هذا النوع من المسؤولية، ثم نص المشرع في مواضع مختلفة على هذه المسؤولية خاصة في المجال الجمركي وكذلك مجال الشركات التجارية. ولكن لم يفرد المشرع التونسي مبدأً عامًا يقرّ مسؤولية الشخص المعنوي على خلاف المشرع الفرنسي.
ومن أهمّ الإصلاحات المنتظرة هو إقرار هذه المسؤولية بصفة صريحة وبالتالي سدّ الفراغ التشريعي لعقود، وذلك تماشيًا مع تطور الجريمة ومجالاتها وتنوّع مرتكبيها. فليس الشخص العادي فقط من يرتكب الجريمة ولكن كذلك الشركات والمؤسسات تقوم كذلك بجرائم، وبالتالي يجب معاقبتها وردعها خاصة بعقوبات مالية على غرار الخطية وأيضًا أحيانًا عقوبة السجن بالنسبة للممثل القانوني للشخص المعنوي.
( المصدر :الترا تونس )