ثَلاثُ ركائِز رئيسيّة في مُكافَحة الفَساد يَجِب أن يَحْفَظها الزُّعماء عَن ظَهر قلب..
الزعيم الماليزي محمد ماهاتير قال في خصوص مقاومة الفساد
إذا أردت أن تُحارِب الفساد فعَليك أن لا تكون فاسِدًا أوّلاً،
وأن لا تَذهَب إلى الدُّوَل الثريّة الفاسِدة ثانِيًا،
وأن لا تتزوّج من زوجة مُسْرِفة ثالثًا”.
اليوم الثلاثاء 3 جويلية 2018 اعتَقلت وِحدَة مُكافَحة الفَساد في ماليزيا نجيب عبد الرزاق، رئيس الوزراء السَّابِق، بعد إجراء تحقيقاتٍ مُكَثَّفة في ثَروَتِه الشخصيّة أكَّدت انتقال عشرة ملايين دولار من صَندوق استثمارٍ حُكوميٍّ إلى حِسابِه المصرفيّ الخاص، مِثلما كشفت تلقّي زوجته روزماح منصور، “هدايا” من الألماس والذَّهب والمُجوهرات بعشرات المَلايين من الدُّولارات، واستثمار حَواليّ 4 مِليار دولار من أموالِ الصُّندوقِ نَفسِه في شَركة إنتاج سينمائيّ يَمْلُكها ابنها العزيز رضا عزيز، وهي تهم نفتها السيدة منصور وابنها عزيز.
الدكتور مهاتير محمد ابن ماليزيا البار الذي حقَّق لبِلادِه مُعجِزةً اقتصاديّة، ورسّخ قِيَم الدِّيمقراطيّة والعَدالة القضائيٍة فيها، وجَعَلها أهَم النُّمور الاقتصاديّة في شرق آسيا، هذا الرَّجُل الفاضِل البالِغ من العُمر 92 عامًا، وضع قراره بالاعتزال جانِبًا، وهَرَع لإنقاذِ بِلادِه من الفَساد والمَحسوبيّة ونَهبِ المالِ العام، والانتصار للفُقَراء والمَحرومين، فاستحقّ حُب شَعبه وكُل الشُّرفاء في العالم.
قرار تَوجيه الاتِّهام لنجيب، وربّما زوجته وابنها أيضًا سيَصدُر عن المَحكمة العُليا غدًا “الأربعاء” كوَجبةٍ أوْلى في سِلسِلةٍ طَويلةٍ من التَّحقيقات أثبَتت بالأدلَّة المُوثَّقة تَورُّط عشرات المَسؤولين من المُقرَّبين من رئيس الوزراء السَّابِق وأفراد من عائِلته جَرى منعهم من السَّفر ووَضعِهم تحت الإقامةِ الجَبريّة تَمهيدًا لمُحاكَمتِهم.
أكثَر من 40 صُندوقًا من المُجوهرات والعُملات الصَّعبة، والحقائِب اليدويّة الفارِهة جَرى العُثور عليها في منزل السيدة زورماح، زوجة رئيس الوزراء، ونَسلِها من البنين والبنات، فقد كانت هذه السيدة مُدمِنة تسوّق، مُسرِفة في اقتناء المَلابِس والحقائِب والمُجوهرات من بيوت الأزياء العالميّة، وتَنتَقِل بين أسواق لندن وباريس ونيويورك مُعظَم فَتَرات السَّنَة.
ألا تُذَكِّرنا السيدة زورماح منصور بنِسبَةٍ كبيرةٍ من زوجات بعض الزُّعَماء والمَسؤولين العرب، في العَديد من الدُّوَل الغنيّة والفَقيرة على حَدٍّ سَواء؟
حكومة الدكتور مهاتير التي وصلت إلى السُّلطة في أيٍار (مايو) الماضي عَبر صناديق الاقتراع، وَسَطَ تأييدٍ شَعبيٍّ كاسِح، اتَّخَذت العديد من القرارات المُهِمَّة، لكن أبرزها في رأي هذه الصحيفة “رأي اليوم” شَنْ حملة شَرِسَة على الفَساد أوّلاً، وسَحب قُوّاتها التي انضمّت إلى التحالف العربيّ الذي يَخوض الحَرب في اليمن بِقِيادَة المملكة العربيّة السعوديّة ثانيًا، لأنّها لا تُريد المُشارَكة في هذه الحرب، وإقامَة علاقاتٍ جيّدة مع الجَميع.
إنّه دَرسٌ في الحُكم والإدارة ومُحارَبة آفَة الفَساد الأكبر في مُعظَم بُلدان العالم الثالث، والعَربيّة مِنها خاصَّةً، ونتمنٍى أن تَفْتَح أكاديميّة الدكتور مهاتير فُروعًا في العديد من العَواصِم والمُدن العربيّة، وإذا تَعذَّر عليها ذلك، فدَعوة النُّشطاء العَرب إلى كوالالمبور، حيثُ مَقَر الأكاديميّة الأُم، لأنّها أكثر أهميّة بالنِّسبةِ إلينا كعَرب ومُسلِمين من كُل الجامِعات الأمريكيّة والأُوروبيّة، مِثل هارفرد وأكسفورد وكامبريدج والسوربون.
“رأي اليوم”